26 - 06 - 2024

تباريح | إلا الإقصاء

تباريح | إلا الإقصاء

(أرشيف المشهد)

7-7-2013 | 22:07

لم يكن أحد يحب أن تدخل مصر بعد ثورة 25 يناير "جحر الضب" الذي دخلته عنوة بسبب ضيق الأفق ، وغرور القوة الذي ركب تنظيمات الإسلام السياسي ، كنا نتمنى لو ظل الجميع بإمكانه تنفس هواء نقي ، ويمارس السياسة باحتراف والتدين بسماحة ، لكن ماذا يفعل الناس إزاء تيار يزعم ملكية مفاتيح الجنة ، وهو في السلطة ، ومفاتيح النار ، وهو في المعارضة ، فيهدد بحرق مصر ، إذا دان الحكم لغيره.

الإخوان مارسوا الإقصاء قبل غيرهم ، فالأتباع والأنصار هم المقربون والمرضي عنهم ، والذين تفتح لهم الأبواب ، وغيرهم خارج اللعبة، ومع أن الميدان كان واحدا والآمال مشتركة ، إلا أن عقلية الاحتكار دمرت روح الثورة المصرية ، ولم يكن أمام هذه الثورة الأكبر من أي شخص وأي تنظيم إلا أن تسترد ذاتها.

ومع ذلك لست مع إقصاء أي تيار ، حتى وإن كان قد مارس السياسة ذاتها تجاه عموم المصريين ، بل على الوطن كله أن يعلمه كيفية المشاركة والاندماج ، والتعامل بايجابية مع مايجري.

فرح المصريون ، لكن فرحتهم تظل ناقصة ، فلكل منا أخ أو صديق في المعسكر الآخر ، يحس بجرح وأسى .. صحيح أن كثيرين منهم كانوا مغررا بهم ، لكنهم في النهاية شركاء وطن لهم مالنا وعليهم ماعلينا .

كل ماهو مطلوب منهم التوقف عن دق طبول الحرب في المجتمع ، وإعادة التكيف مع الواقع وتغيير أفكارهم وبنيهم التنظيمية التي قادتهم إلى تنظيم طارد ، وقادت مصر معهم إلى وطن طارد.

كانت أمامهم فرصة تاريخية لإثبات أن الإسلام السياسي ليس ذلك البعبع الذي تخشى المجتمعات من أن يصعد إلى السلطة ، فقد نالوا تفويضا شعبيا لم يحسنوا استغلاله وآلت اليهم دولة بحجم مصر ومكانتها لم يحسنوا إدارتها ، ومناصرين يتفقون معهم في الأفكار ويختلفون في أساليب التطبيق ، لم يحسنوا إقناعهم ، والنتيجة كما ترون.

لست مع الملاحقات ولا الإجراءات الاستثنائية ولا مطاردة قطاع من الشعب بذنب قياداته التي وضع ثقته فيها ، فتصرفت بجهل وعمق .. المعركة الآن هي كيف نستوعب الإخوان والتنظيمات الإسلامية ونهضمها لنخرج منتجا مصريا سمحا متآلفا ، يعلي الوطنية على الجماعة ، والثورة على أعدائها ، والديمقراطية على نزق الأفراد والتنظيمات .

هي مرحلة اختبار تقتضي حنكة وحكمة ، فالاقصاء لايقابل بالإقصاء وضيق الأفق لايقابل بسوء التدبير

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان